من خلال عملي وبحثي في علم النفس و التحليل النفسي فإني ﻻ أمتنع متى سنحت لي الفرصة في التجوال في المواقع اﻹستشارية النفسية والطب النفسي باللغة العربية، وللأسف فغالباً ما خاب ظني بكثير ممن لا يجيدون سوى التألّق بسيرهم الذاتية الطويلة الأسطر ولا يقدمون سوى الحلول والأحكام الشرعية لمرضاهم بعيداً عن أيّ مما يمتّ لعلم النفس بصلة.
عالم النفس عقل وقلب وﻻيطلق أحكاماً أبداً، إنه يلاحظ ويحب ويفهم وﻻيرى العمل ذاته اللهم إﻻ من أجل إصلاحه، عالم النفس هو إنسان تقي، وأعني بهذا أنه يرتبط بكل مايحيط به شعوراً وارتباطاً يتعاظم بالتدريج، فهو يعلم أن الخوف يسيطر على كثير من الناس وأن القلق يغمر نفوسهم، و يبحث الناس عن اﻷمن قبل كل شيء، أمن ينبغي للأسرة والمجتمع أن يوفراه لهم، فإن لم يجدوه فيهما تفاقم هذا القلق.
ودور عالم النفس هو منحهم أمناً جديداً، إنه يعمل على أن يجد كل امرئ في ذاته اﻷمن، ويسير عالم النفس على رمال اﻹنسانية برمتها وينظر إلى جميع اﻷعمال بعين واحدة، فﻻ شيء يدهشه، وﻻشيء يثير في نفسه النفور، ويفهم دون أن يصدر اﻷحكام، عالم النفس يتحدث إلى كل فرد بلغته، ويسمع أسراراً واعترافات ﻻيسمعها أي شخص آخر، إنها المادة اﻹنسانية التي تنسكب أمامه، فهو يعتبر هذا اﻷمر شرفا له وﻻيتباهى في نفسه بذلك أبداً، وليس كل هذا الكلام عاطفة، بل هو الشرط واﻷساس الجوهري الذي يعمل وفقه عالم النفس.
سعيد عزالدين
سوريا 29/12/2014